FORUM OF ARAB PARLIAMENTARIANS ON POPULATION AND DEVELOPMENT
لطالما أثرت المعايير الديموغرافية والموارد الطبيعية على سوق العمل في المنطقة العربية. وقد شهدت المنطقة العديد من التداعيات في ظل الأزمات والنزاعات التي ضربت عددا من البلدان منذ عام 2011، مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا والصومال وفلسطين، ولبنان. مؤخراً، ظهرت عدة تحديات طارئة تواجهها المنطقة العربية بسبب أسعار النفط المتقلبة وتفشي جائحة كوفيد-19 إلى جانب العديد من التحديات البنيوية في الاقتصادات العربية. على الرغم من الاختلافات والتفاوتات بين بلدان المنطقة، تتشارك البلدان العربية خصائص مرتبطة بسوق العمل وتواجه تحدّيات متشابهة. ترتبط هذه التحديات بشكل عام بانخفاض معدل المشاركة في القوى العاملة، وخاصة بين النساء، وارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب والشابات، كما إلى الحجم الكبير للقطاع العام إنما آخذ بالإنخفاض، وارتفاع معدل انتشار العمالة غير النظامية.
تشير تقديرات منظمة العمل الدولية لعام 2020 إلى أن معدل المشاركة في القوى العاملة في المنطقة عند 47.96 في المئة، هو أقل بكثير من المتوسط العالمي البالغ 60.51 في المئة. ويعود ذلك غالباً إلى المعدلات المنخفضة لمشاركة المرأة البالغة 20.78 في المئة.[1] على الرغم من التحسن الطفيف في مشاركة القوى العاملة في السنوات الماضية، خاصة بما يتعلق بالمرأة، في 15 دولة عربية فإن أقل من نصف القوى العاملة منخرطة فعلياً بشكل ناشط في سوق العمل. هذا المعدل هو الأدنى في البلدان المتضررة من النزاعات مثل اليمن (37.9 في المئة)، فلسطين (44.09 في المئة)، وسوريا (43.9 في المئة) والأعلى في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يصل إلى 87.03 في المئة و82.1 في المئة في قطر والإمارات العربية المتحدة على التوالي.[2] ويفسر ذلك حقيقة أن الأخيرة هي دول مستوردة للعمالة. تبلغ نسبة مشاركة الذكور في القوى العاملة (72.89 في المئة)، أي ما يوازي تقريباً ثلاثة أضعاف معدل المشاركة لدى النساء في المنطقة العربية. في اليمن، يزيد معدل مشاركة الذكور في القوى العاملة بأكثر من 12 مرة عن معدل مشاركة النساء في القوى العاملة، حيث سجل 5.69 في المئة فقط. تظهر جيبوتي وجزر القمر وحدهما نسبة مشاركة للنساء إلى الذكور في القوى العاملة أعلى من المتوسط العالمي البالغ 0.643، بمعدلات بالغة 0.738 و0.735 على التوالي.[1]
هناك تفاوت كبير بين العرض والطلب على العمل مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة في العديد من البلدان، وخاصة بين الشباب. هذا التفاوت ناتج إلى حد كبير عن بنية الاقتصاد في معظم البلدان، حيث يتم تقييده في أنشطة ذات قيمة مضافة منخفضة. وفقًا لتقديرات منظمة العمل الدولية، يقدَّر معدّل البطالة في المنطقة العربية بنحو 10.2 في المئة عام 2020،[1] وذلك ضعف المتوسط العالمي البالغ 5.4 في المئة.[3] ومع ذلك، إذا استثنينا الاقتصادات المستوردة للعمالة في دول مجلس التعاون الخليجي، سيرتفع المعدل إلى 10.8 في المئة.[1] في حين أن معدلات البطالة مرتفعة في بعض الدول العربية – 55 في المئة في سوريا[4] و25 في المئة في فلسطين[5] (وفقًا لآخر الإحصاءات) – فإن معدلات البطالة في دول مجلس التعاون الخليجي منخفضة جداً، حيث سجلت قطر أدنى معدل في العالم بنسبة 0.1 في المئة.[2] إلا أنه من المتوقع أن تشهد المنطقة معدلات أعلى بسبب الركود الاقتصادي المتوقع وتفشي كوفيد-19 والإغلاق الناتج عنه. فبحسب لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة العربية بمقدار 42 مليار دولار، ونتيجة لذلك يمكن أن تخسر المنطقة 1.7 مليون وظيفة، وبالتالي سيرتفع معدل البطالة بمقدار 1.2 نقطة مئوية في عام 2020.[6]
تتميز المنطقة العربية بكتلة سكانية شبابية متعلّمة،[7] حيث يشكل الشباب دون سن الثلاثين حوالي 60 في المئة من سكان المنطقة.[8] وقد أدى الافتقار إلى خلق فرص العمل وعدم التوافق بين الوافدين الجدد إلى سوق العمل ذوي التعليم العالي من جهة واحتياجات السوق من جهة أخرى إلى ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، وخاصة بين النساء والأكثر تعليماً. قُدر معدل بطالة الشباب في المنطقة بحوالي 26.3 في المئة عام 2020، ولكن من المتوقع أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى وتتزايد بشكل ملحوظ.[1] وقد سجلت 4 دول فقط معدلات بطالة بين الشباب أقل من المتوسط العالمي البالغ 13.7 في المئة، وهي 3 بلدان من دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضاثة إلى جزر القمر.[3]
تحدّ الأعراف الثقافية والاجتماعية إلى جانب العوائق البنيوية من مشاركة المرأة في سوق العمل. تواجه النساء في المنطقة العربية مخاطر أعلى للبطالة وما زلن يواجهن عوائق كبيرة للدخول إلى سوق العمل. بلغ معدل بطالة النساء 19.7 في المئة ولا يزال مرتفعًا جدًا مقارنة بمعدل بطالة الذكور البالغ 7.7 في المئة[1] وبالمتوسط العالمي البالغ 5.6 في المئة.[4] كذلك، بلغ معدل البطالة لدى الشابات ارتفاعًا بنسبة 38.5 في المئة، وهو أعلى معدل في العالم، ويقدر تقريبًا بضعف المعدل المسجل بين الشباب.[1]
وعلى الرغم من أن معظم الدول العربية أنشأت أنظمة وبرامج للضمان الاجتماعي، إلا أنه كمعدّل تساهم أقل من ثلث القوى العاملة في المنطقة[1] في الضمان الاجتماعي، وتغطي فقط موظفي القطاعين العام والخاص الذين لديهم عقود عمل منتظمة.[9] يتمتع عمال القطاع العام، الذبن تتراوح نسبهم بين 20 و30 في المئة في معظم الدول العربية،[2] ببرامج ضمان اجتماعي أكثر سخاء ومزايا واستقرار مالي.[3] وقد أدى ذلك لأن يكون القطاع العام هو المكان المفضل للتوظيف بالنسبة للباحثين عن عمل في المنطقة العربية خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي وبالتالي لاستيعاب معظم العمالة الوطنية، على الرغم من الإصلاحات والسياسات التي تدعم التوظيف الوطني في القطاع الخاص.
يمثل القطاع غير النظامي في الاقتصاد سمة ثابتة للاقتصادات العربية. لطالما اتّسمت عملية خلق فرص العمل بالإنتاجية المنخفضة وبكونها غير نظامية. وفقًا لأحدث البيانات المتاحة من قبل منظمة العمل الدولية، يعمل 68.6 في المئة من القوى العاملة في البلدان العربية في القطاع غير النظامي، ويفتقرون إلى إمكانية الحصول على الأمان الوظيفي والحماية الاجتماعية والحقوق الأساسية الأخرى.[10]
من المتوقع أن يشهد سوق العمل في المنطقة العربية بعض التقلبات الخطيرة بسبب التحديات الاقتصادية المتوقعة. سيكون لانخفاض أسعار النفط، وتفشي فيروس كورونا، وارتفاع نسب الديون، وعجز الميزانية الدور الكبير في انكماش الاقتصادات العربية المنخفضة الإنتاجية الحالية وعواقب وخيمة على فرص العمل في جميع القطاعات. يعتبر قطاع الخدمات، الذي يوظف 54.4 في المئة من إجمالي العمالة مقابل 24.3 في المئة في الصناعة و 21.4 في المئة في القطاع الزراعي، الأكثر تضرراً مما أدى إلى انخفاض كبير في ساعات العمل وخفض الأجور وتسريح العمال.[11] من المتوقع أن تقضي أزمة كوفيد -19 على 8.1 في المئة من ساعات العمل في الدول العربية في الربع الثاني من عام 2020 – أي ما يعادل 5 ملايين عامل بدوام كامل.[12]
المصادر:
[1] حسابات البوابة العربية للتنمية المبنية على البيانات المستخرجة من منظمة العمل الدولية. 2020. قاعدة البيانات الإحصائية. [أونلاين] متوفر على: https://www.ilo.org/ilostat [تم الدخول 28 تشرين الثاني 2020].
[2] منظمة العمل الدولية. تموز/يوليو 2019. قاعدة البيانات الإحصائية. [أونلاين] متوفر على: https://ilostat.ilo.org/ [تم الدخول 28 تشرين الثاني 2020].
[3] منظمة العمل الدولية. تشرين الثاني/نوفمبر 2019. قاعدة البيانات الإحصائية. [أونلاين] متوفر على: https://ilostat.ilo.org/ [تم الدخول 28 تشرين الثاني 2020].
[4] الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. 2020. [أونلاين] متوفر على: http://www.pcbs.gov.ps/ [تم الدخول 28 تشرين الثاني 2020].
[5] مجموعة التوجيه الإستراتيجي لكامل سوريا (SSG). آذار/مارس 2019. خطة الاستجابة الإنسانية (HRP) لعام 2019. الجمهورية العربية السورية. [أونلاين] متوفر على:
https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/2019_Syr_HNO_Full.pdf [تم الدخول 28 تشرين الثاني 2020].
[6] اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا). 18 آذار/مارس 2020. استجابة إقليمية طارئة للتخفيف من تداعيات الوباء فيروس كورونا. [أونلاين] متوفر على:
https://www.unescwa.org/sites/www.unescwa.org/files/publications/files/20-00114_rer_mitigatingimpact_covid-19_ar_apr8.pdf [تم الدخول 28 تشرين الثاني 2020].
[7] منظمة العمل الدولية. 2019. سياسات الاستخدام. [أونلاين] متوفر على: https://www.ilo.org/beirut/areasofwork/employment-policy/lang–ar/index.htm [تم الدخول 28 تشرين الثاني 2020].
[8] حسابات البوابة العربية للتنمية المبنية على البيانات المستخرجة من شعبة السكان بإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمانة العامة للأمم المتحدة. 2019. التوقعات السكانية في العالم. [أونلاين] متوفر على: https://population.un.org/wpp/ [تم الدخول 28 تشرين الثاني 2020].
[9] منظمة العمل الدولية. 2020. منظمة العمل الدولية في الدول العربية: الضمان الاجتماعي. [أونلاين]. متوفر على: https://www.ilo.org/beirut/areasofwork/social-security/lang–ar/index.htm [تم الدخول 28 تشرين الثاني 2020].
[10] منظمة العمل الدولية. 30 نيسان/أبريل 2018: يعمل أكثر من 60 في المائة من السكان العاملين في العالم في الاقتصاد غير الرسمي. [أونلاين] متوفر على: https://www.ilo.org/global/about-the-ilo/newsroom/news/WCMS_627189/lang–en/index.htm [تم الدخول 28 تشرين الثاني 2020].
[11] البنك الدولي. 2020. مؤشرات التنمية العالمية. [أونلاين] متوفر على: https://databank.albankaldawli.org/reports.aspx?source=world-development-indicators [تم الدخول 28 تشرين الثاني 2020].
[12] منظمة العمل الدولية. 7 نيسان/أبريل 2020. كوفيد-19 يسبب خسائر مدمرة في ساعات العمل والوظائف. [أونلاين] متوفر على: https://www.ilo.org/global/about-the-ilo/newsroom/news/WCMS_741036/lang–ar/index.htm [تم الدخول 28 تشرين الثاني 2020].